سورة إبراهيم - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


قوله عز وجل: {مثل الذين كفروا بربّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف} وهذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكافر في أنه لا يحصل على شيء منها، بالرماد الذي هو بقية النار الذاهبة لا ينفعه، فإذا اشتدت به الريح العاصف: وهي الشديدة: فأطارته لم يقدر على جمعه، كذلك الكافر في عمله.
وفي قوله {في يوم عاصف} ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه وصف اليوم بالعصوف وهو من صفة الريح، لأن الريح تكون فيه، كما يقال يوم بارد، ويوم حار، لأن البرد والحر يكونان فيه.
الثاني: أن المراد به في يوم عاصف الريح، فحذف الريح لأنها قد ذكرت قبل ذلك.
الثالث: أن العصوف من صفة الريح المقدم ذكرها، غير أنه لما جاء بعد اليوم ابتع إعرابه.
{لا يقدرون مما كسَبَوا على شيءٍ} يحتمل وجهين:
أحدهما: لا يقدرون في الآخرة على شيء من ثواب ما عملوا من البر في الدنيا لإحباطه بالكفر.
الثاني: لا يقدرون على شيء مما كسبوه من عروض الدنيا، بالمعاصي التي اقترفوها، أن ينتفعوا به في الآخرة.
{ذلك هو الضلال البعيد} وإنما جعله بعيداً لفوات استدراكه بالموت.


قوله عز وجل: {وبرزوا لله جميعاً} أي ظهروا بين يديه تعالى في القيامة. {فقال الضعفاء} وهم الأتباع.
{للذين استكبروا} وهم القادة المتبوعون.
{إنا كُنّا لكم تبعاً} يعني في الكفر بالإجابة لكم.
{فهل أنتم مغنون عَنّا مِن عذاب الله من شيء} أي دافعون عنا يقال أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى، وأغناه إذا أوصل إليه النفع.
{قالوا لو هَدانا الله لهديناكم} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه.
الثاني: لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها.
الثالث: لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه.
{سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيصٍ} أي من منجى أو ملجأ، قيل إن أهل النار يقولون: يا أهل النار إن قوماً جزعوا في الدنيا وبكوا ففازوا، فيجزعون ويبكون. ثم يقولون: يا أهل النار إن قوماً صبروا في الدنيا ففازوا، فيصبرون. فعند ذلك يقولون {سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص}.


قوله عزوجل: {وقال الشيطان لمّا قضي الأمر} يعني إبليس.
قال الحسن: يقف إبليس يوم القيامة خطيباً في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعاً.
{إن الله وعدكم وعد الحق} يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعذاب العاصي.
{ووعدتكم} أن، لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب.
{فأخلفتكم وما كان لي عليكم مِن سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيَّ} فيه وجهان:
أحدهما: معناه ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجيَّ، قاله الربيع بن أنس.
الثاني: ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي، قاله مجاهد. والمصرخ: المغيث. والصارخ: المستغيث. ومنه قول أمية بن أبي الصلت:
فلا تجزعوا إنّي لكم غير مُصْرخ *** فليس لكم عندي غناءٌ ولا صبر
{إني كفرتُ بما أشركتمون مِن قبل} فيه وجهان:
أحدهما: إني كفرت اليوم بما كنتم في الدنيا تدعونه لي من الشرك بالله تعالى، قاله ابن بحر.
الثاني: إني كفرت قبلكم بما أشركتموني من بعد، لأن كفر إبليس قبل كفرهم.
قوله عز وجل: {تحيّتُهم فيها سلامٌ} فيها وجهان:
أحدهما: أن تحية أهل الجنة إذا تلاقوا فيها السلامه، وهو قول الجمهور.
الثاني: أن التحية ها هنا الملك، ومعناه أن ملكهم فيها دائم السلام، مأخوذ من قولهم في التشهد: التحيات لله، أي الملك لله، ذكره ابن شجرة.
وفي المحيّي لهم بالسلام ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الله تعالى يحييهم بالسلام.
الثاني: أن الملائكة يحيونهم بالسلام.
الثالث: أن بعضهم يحيي بعضاً بالسلام.
وتشبيه الكلمة الطيبة بها لأنها ثابتة في القلب كثبوت أصل النخلة في الأرض، فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما يعلو فرع النخلة نحو السماء فكلما ذكرت نفعت، كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7